الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ***
لا يجوز نكاح المريض ولا المريضة ان تزوجا أو تزوج أحدهما ومن فعل ذلك مريضا فسخ نكاحه قبل الدخول وبعده ولا يرث الصحيح منهما المريض ان مات من مرضه ذلك دخلا أو لم يدخلا فإن فسخ نكاحهما قبل البناء فلا صداق للمرأة ولا ميراث فإن بنى بها وهي مريضة ثم ماتت فلها الصداق المسمى عند مالك وعند ابن القاسم لها مهر مثلها ولا ميراث وان دخل المريض فالصداق في ثلثه مبدأ على الوصايا إلا المدبر في الصحة فإن سمى لها أكثر من صداق مثلها سقط ما زاد على صداق المثل وان صحا قبل الفسخ ثبت النكاح دخلا أو لم يدخلا وهو المشهور في المذهب وقد روي عن مالك انه لا يثبت نكاح المريض وان صح قبل الفسخ وإذا نكح المريض فلم يفرق بينه وبين امرأته حتى صح صحة بينة ثم مرض بعد ذلك وهي عنده فمات وهي زوجته ترثه كسائر الأزواج وإذا تزوجت المريضة فرق بينهما فإن لم يدخل بها فلا صداق لها وان كان دخل بها فلها صداقها كاملا ولا ميراث لزوجها منها إن ماتت من ذلك المرض وإذا تزوج المريض صحيحة فصح المريض وماتت الزوجة كان له الميراث من مالها وكذلك إذا تزوجت المريضة صحيحا فلم يفسخ نكاحهما حتى صحت المريضة ومرض الزوج ومات كان لها صداقها وميراثها من ماله والمريض الذي لا يجوز نكاحه هو الذي لا ينفذ له في ماله إلا ثلثه ومن أهل العلم بالمدينة وغيرها جماعة يجعلون نكاح المريض والصحيح سواء ويجيزون ذلك ولا يفسخونه. إذا أسلم الكتابي قبل زوجته الكتابية ثبتا على نكاحهما لأنه يحل له في الاسلام نكاحها فإن كانت غير كتابية وقعت الفرقة بينهما إلا أن تسلم عقب إسلامه في فور ذلك فإن كان ذلك ثبتا أيضا على نكاحهما وان لم تسلم بأثر إسلامه وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق ولا مهر لها ان لم يكن دخل بها وإذا أسلمت المرأة قبل زوجها كتابي أو غير كتابي فإن أسلم زوجها في عدتها فهو أحق بها من غير رجعة ولا صداق وإسلامه في عدتها كرجعة المطلق للسنة امرأته في عدتها. وأما غير المدخول بها فإنها لا عدة لها فإنها اسلمت وقعت الفرقة بينهما فسخا بغير طلاق ولا صداق لها لأنه لم يدخل بها ولو كانت مدخولا بها فأسلم وادعى ان إسلامه كان في عدتها كانت البينة عليه دونها فإن أقام البينة في ذلك ثبتا على نكاحهما هذا إذا لم تكن نكحت غيره فإن نكحت غيره وأقام البينة أنه أسلم في عدتها فإن كان دخل الثاني بها فلا سبيل للأول إليها وان كان لم يدخل بها فلمالك فيها قولان أحدهما ان الأول أحق بها والآخر أن الثاني أحق بها وإذا أسلم المشرك وعنده أكثر من أربع نسوة فله أن يمسك منهن أربعا ويفارق سائرهن ولا يبالي أوائلا كن الأربع أو أواخر وسواء عقد عليهن عقدة واحدة أو عقدا مختلفة وكذلك إذا أسلم وعنده أختان فارق أيتهما شاء. لم تحل الموهوبة إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة قال الله عز وجل خالصة لك من دون المؤمنين الأحزاب فلا يحل لأحد بعده نكاح يشرط فيه أن لا صداق ولا بد لغيره من صداق قل أو كثر إلا أن مالكا وأصحابه يجيزون في أقله ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم كيلا من الورق أو عرضا يساوي أحدهما فإذا ساوى العرض ثلاثة دراهم كيلا جاز صداقا وأكثر أهل العلم بالمدينة وغيرها لا يحدون في أقل الصداق شيئا كما لا يحد الجميع في أكثره شيئأ ومن قال ذلك من أهل المدينة سعيد بن المسيب وابن شهاب وربيعة ومن غيرهم جماعة يطول ذكرهم وبه يقول ابن وهب من بين أصحاب مالك وقد بينا وجه قول مالك وقول غيره وقد أوضحنا ذلك في كتاب التمهيد ويكره مالك أن يكون النكاح على عبد آبق أو على بعير شارد ولا على جنين في بطن أمه ولا شيء من الغرر وكل ما لا يجوز في البيوع العقد عليه مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها على تنقيتها أو زرع لم يستحصد ويستغني عن الماء إلا أن يكون للقطع أو عبدين يكون أحد الزوجين مخيرا في أحدهما أو غائبا من العقارات لم يوصف أو موصوف بشرط ان لم يأت به في وقت سماه. وإلا فلا نكاح بينهما أو بصداق ينقد بعضه ويؤخر بعضه على أنه ان مات سقط عنه ما بقي عليه وما كان مثل هذا كله فإنه عقد بشيء منه نكاح وادرك قبل الدخول فسخ ولم يكن للمرأة شيء وان لم يدرك إلا بعد الدخول أقر النكاح وكان للمرأة مهر مثلها بالغا ما بلغ نقدا فهذا جملة تحصيل المذهب وكذلك عند مالك وجماعة من أصحابه الأجل المجهول مثل أن يكون إلى موت أو فراق أو إلى الميسرة بعض الصداق أو كله مهر مثلها بعد الدخول نقدا يحسب لها ما أخذت ويوفي ما بقي وان كان قبل الدخول خير الناكح فان عجله كله نقدا وإلا فسخ النكاح وقيل ان كان موسرا وكان بعض الصداق إلى ميسرة أو كله جاز وكان حلالا وكذلك من تزوج بمهر إلى غير أجل وقيل فيمن تزوج بمهر إلى غير أجل إنه يفسخ قبل الدخول كما وصفنا وثبت بعد الدخول بمهر مثلها نقدا وكل ذلك قول مالك ولا يكون الصداق إلا إلى أجل معلوم ويكرهه مالك فيما كثر من النساء وكل ما يجوز بيعه جاز عقد النكاح به إذا بلغ ثمنه المقدار المذكور تحديده عند مالك وقد يجوز عند مالك عقد النكاح بما لا يجوز بيعه كالوصفاء المطلقين غير الموصوفين مثل ان يقول انكحوا على عبد أو على أمة أو على عبيد ولا يصف شيئا من ذلك فيجوز عند مالك. ويرجع في ذلك إلى الغالب من رقيق البلد فان اختلف رقيق البلد قضي بالأوسط منه ويجوز النكاح عنده على جهاز بيت أو شوار بيت فان كان بدويا كان عليه شوار أهل البادية وان كان حضريا كان عليه شورة أهل الحاضرة ومن تزوج امرأة على درهمين أو أقل أجبر على أن يكمل لها ثلاثة دراهم ولم يفسخ نكاحه وان طلقها قبل الدخول لزمه من الدرهمين درهم واحد ويستحب لكل من تزوج امرأة أن ينقدها صداقها كله أو ربع دينار منه قبل الدخول فان لم يفعل ودخل بها قبل أن ينقدها فلا شيء عليه في تأخير الصداق فالنكاح جائز وهو النكاح المعروف عند أصحابنا بنكاح التفويض فإن دخل بها فلها صداق مثلها في المال والجمال والمنصب والحال وفي ناحية الرجل أيضا ولا ينظر إلى قراباتها عند مالك وان طلقها قبل البناء والتسمية فلها المتعة فقط وان ماتت ورثها وإن مات ولم يبن بها فلا صداق لها ولا متعة ولها الميراث وعليها العدة وإنما يجب صداق المثل بالبناء لمن لم يسم لها صداق قبل. ولا يجوز عند مالك وأصحابه أن يعتق أحد أمته ويجعل عتقها صداقها ومن تزوج بغير صداق فسمى لها أقل من صداق المثل فرضيت به وهي ثيب جاز وان كانت هلك كان هلاكه منهما جميعا ولو كان المهر عبدا فأعتقه أحدهما قبل البناء لزمه عتقه وقوم عليه إن كان موسرا نصيب الآخر وقد قيل أن أعتقته المرأة لزمها عتق جميعه أن كانت موسرة وان أعتقه الزوج لم يلزمه شيء إلا أن يطلق قبل الدخول وفي هذه المسألة تنازع طويل ولو أصدقها عينا ذهبا أو ورقا فاشترت به منه عبدا أو دارا أو اشترت به منه أو من عيره طيبا أو غير ذلك مما لها التصرف فيه لجهازها وصلاح شأنها في بنائها معه فذلك كله بمنزلة ما أصدقها ونماءه ونقصانه بينهما وان طلقها قبل الدخول لم يكن لها إلا نصفه وليس عليها أن تغرم نصف صداقها الذي قبضت منه. وكذلك لو اشترت من غيره عبدا أو دارا بالألف الذي أصدقها ثم طلقها قبل الدخول فلا شيء له عليها ولا فرق بين أن تقبض جميع المهر ثم تهبه له وبين ألا تقبض منه شيئا حتى تهبه له ولاشيء عليها في الوجهين جميعا ولو وهبت له نصف الصداق قبل قبضه ثم طلقها قبل البناء كان لها نصف ما بقي ولا شيء لها من النصف الموهوب ولو كانت قد قبضت النصف الآخر رجع عليها ذلك النصف المقبوض ولو أصدقها عبدا أو غير ذلك من العروض فوجدت به عيبا فلها أن ترده بالعيب وترجع بقيمته فإن مات كان لها ما بين القيمتين كالبيع ولو استحق أو وجد حرا فلها عند عبد الملك صداق المثل ولها عند ابن القاسم قيمته في الوجهين جميعا قيمة الحر لو كان عبدا ولو أصدقها أباها أو من يعتق عليها ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمته ومضى عتقه عليها وتؤخذ بالقيمة موسرة ومعسرة وقد روي عن مالك أنه يستحسن أن لا يرجع عليها بشيء واختاره عبد الملك إذا كان عالما بأنه يعتق عليها وعلى القول الأول أكثر الفقهاء ومن اشترى امرأة قبل الدخول سقط الصداق عنه بانفساخ النكاح وكذلك الأمة تعتق فتختار نفسها قبل الدخول فانها يسقط صداقها ولو خير رجل امرأته أو ملكها فاختارت نفسها قبل الدخول لم يسقط صداقها لأن الطلاق هاهنا من جهة الرجل لا من جهتها ولو ارتدت قبل الدخول سقط صداقها. ولو ارتد الزوج ففيه قولان أحدهما أنها لا صداق لها والآخر لها نصف صداقها ومن لاعن امرأته قبل الدخول سقط صداقها ولو خالعها على شيء ما مالها وسكتا عن ذكر الصداق قبل الدخول فعند مالك يسقط صداقها وغيره يخالفه في ذلك ولو خالعها على بعض صداقها قبل الدخول بها كان لها نصف ما بقي من صداقها ومن ضمن ابنه المهر في ماله تحمل ذلك على كل حال فطلق الابن قبل الدخول فنصف الصداق للمرأة غرم على الأب وليس للابن على أبيه فيما حمل من ذلك شيء من النصف الباقي ولو مات الأب كان النصف الباقي لورثته وإذا ضمن السيد عن عبده صداق امرأته ودفع فيه العبد إلى المرأة عوضا عن صداقها قبل الدخول بها انفسخ نكاحها وبطل صداقها وردت العبد على سيده ولو أعطاها العبد بعد الدخول انفسخ النكاح وكان العبد مملوكا لها ومن حطت عنه امرأته شيئا من صداقها على أن لا يتزوج عليها فان كان ذلك في عقد النكاح ثم تزوج عليها فلا شئ عليه لها مما حطته هذه رواية ابن القاسم وقال عنه ابن عبد الحكم ان كان ما بقي من صداقها هو صداق مثلها أو أكثر منه لم ترجع عليه بشيء وإن كانت وضعت عنه شيئا من صداق مثلها ثم تزوج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها وإن كان ذلك بعد عقد النكاح ثم تزوج عليها رجعت عليه بما وضعت عنه من صداقها في روايتها جميعا. إذا اختلف الزوجان في المهر قبل الدخول تحالفا وتفاسخا النكاح هذه رواية ابن القاسم وسواء كان اختلافهما في عينه مثل ثوب أو ثور أو في قدره مثل آلاف أو ألفين وتبدأ المرأة باليمين فإن حلفا جميعا فسخ النكاح ولا شيء لها فإن حلفت ونكل زوجها لزمه نصف ما ادعته من صداقها وان نكلت وحلف زوجها لم يكن لها إلا ما ادعته بفسخ النكاح فإن اختلفا بعد الدخول فان كان في عين الصداق تحالفا وكان لها صداق مثلها وان اختلفا في مبلغه واتفقا على عينه فالقول قول الزوج فيما أقر به من الصداق مع يمينه. وروى ابن وهب عن مالك ان لها صداق مثلها في الوجهين إذا دخل والنكاح ثابت وان تصادقا على الصداق واختلفا في قبضه فإن كان دخل بها فالقول قول الزوج مع يمينه هذا هو المشهور من قول مالك وقال إسماعيل بن اسحاق وجماعة من أصحابه إنما قال هذا مالك بالمدينة لان عادتهم جرت بدفع الصداق قبل الدخول فإن كانت العادة في غيرها كذلك وإلا فالقول قول المرأة لان الرجل قد أقر بالصداق وادعى البراءة منه مدعى عليها في ذلك فالقول قولها مع يمينها ولا خلاف أنه إن ادعى عليها قبض الصداق ولم يدخل بها دخول بناء أن القول قولها مع يمينها ولو اختلفا في المسيس فقالت قد وطئني وقال لم أطأها فإن كان لم يدخل بها وإنما خلا بها في بيتها فالقول قوله مع يمينه وان كان قد خلا بها في منزله دون بناء وقال لم أمسها فالقول قولها مع يمينها وقد قيل إنه متى ما صح أنه خلا بها أن القول قولها في المسيس مع يمينها وسواء خلا بها في بيتها أو في بيته وعليها العدة في الوجهين جميعا ولو طلقها والمسألة بحالها كان لها نصف الصداق إذا كان القول قول الزوج وحلف وان كان القول قولها وحلفت فلها الصداق كاملا بالمسيس والخلوة لا توجب صداقا إذا تصادقا على عدم المسيس وقد قال مالك إذا طال مكثه مثل السنة ونحوها وطلبت المهر كله كان ذلك لها ويأتي هذا المعنى مجردا في باب العنين إن شاء الله تعالى. إذا طلقها قبل الدخول وقد سمى لا صداقا وكانت جائزة الأمر في مالها وعفت فذلك لها والعفو ان تترك نصف الصداق ان لم تكن قبضت منه شيئا أو ترده عليه إن كانت قبضته وان كانت بكرا جاز عفو أبيها عن نصف الصداق إذا وقع الطلاق لا قبل ذلك ولا بعد الدخول ولا يجوز لا حد أن يعفو عن شيء من الصداق إلا الأب وحده لا لوصي ولا غيره وقال مالك وتجوز مبارات الأب على ابنته البكر كما يجوز عفوه عن نصف صداقها ومعنى قول الله عز وجلإلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقده النكاحالبقرة قال مالك وأصحابه هو الأب في ابنته البكر والسيد في أمته وهو قول الليث. على الرجل أن ينفق على زوجته إذا دعي إلى البناء وأسلمت نفسها إليه كانت ممن يمكن الاستمتاع بها لأن النفقة لا تجب على الزوج بعقد النكاح حتى ينضم إليه وجوب الوطء لمن ابتغاه لانه المقصود بالعقد فإذا أسلمت نفسها إليه وجبت لها النفقة عليه أراد البناء أو لم يرده ولا نفقة لصغيرة لا يجامع مثلها ولا على صبي حتى يبلغ الوطء فإن كان الزوجان صغيرين فلا نفقة حتى يبلغا ومن نشزت عنه امرأته بعد دخوله بها سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في نفقة الناشز فأوجبها وإذا عادت الناشز إلى زوجها وجبت في المستقبل نفقتها ولا تسقط نفقة المرأة عن زوجها بشيء غير النشوز لا من مرض ولا حيض ولا نفاس ولا صوم ولا حج ولا مغيب إن غابت عنه بإذنه وإذا غاب الرجل عن امرأته مدة ثم انصرف فادعى أنه كان يبعث إليها نفقتها أو أنه خلف عندها ما تنفق منه وأنكرت ذلك المرأة طالبته بالنفقة ولم تكن رفعت أمرها في غيبته إلى الحاكم فالقول قوله مع يمينه ولو رفعت أمرها إلى الحاكم في غيبة زوجها ففرض لها الحاكم نفقتها ثم قدم زوجها فادعى أنه خلف عندها نفقتها وأنه كان يبعث بها إليها فلمالك في ذلك قولان أحدهما أن القول قول المرأة مع يمينها ولو اختلفا في مدة مضت وهو حاضر في تلك المدة كلها فالقول قوله مع يمينه وللمرأة أن تمتنع من الدخول على زوجها وتطالبه بالنفقة ما لم يعطها مهرها إن كان حالا أو معجلا وان دخل بها برضاها لم يكن لها أن تمنع نفسها بالمهر وان كان معجلا حالا إلا أن يكون مليا به موسرا. وإذا أعسر بالصداق قبل أن يدخل وهو حال ضرب له فيه أجل بعد أجل على ما يراه الحاكم ليس في ذلك حد إلا الاجتهاد على قدر ما يرجى من ماله من تجارة أو غيرها فان قدر عليه والا فرق بينهما واتبعته بنصف الصداق دينا في ذمته ولا نفقة لها عليه لأنها ليست في عدة منه ولو كان يجرى النفقة عليها قبل البناء بها لم يمنعها ذلك من الامتناع منه من أجل صداقها الحال عليه على ما ذكرنا ولو نكح بمهر بعضه معجل وبعضه مؤجل فتراخى البناء حتى حل الأجل وارادت أن تمنع نفسها حتى تقبض جميل صداقها فذلك لها وقد روى ابن وهب والواقدي عن مالك أنه ليس لها أن تمنع نفسها إذا قبضت المعجل وأعسر بالمؤجل وذلك قبل البناء ولو أعسر بنفقتها بعد الدخول أو بعد أن دعي إلى البناء فلم يجد شيئا ينفق منه عليها وارادت فرق بينهما ان طلبت ذلك بعد أن يؤجله في ذلك ما رآه الحاكم ولا يكون ذلك إلا أياما ثلاثة أو جمعة وقيل ثلاثين يوما وقيل شهرين والتوقيت في هذا خطأ وإنما فيه اجتهاد الحاكم على ما يراه من حاجة المرأة وصبرها والجوع لا صبر عليه والفرقة بينهما تطليقة رجعية فإن أيسر في عدتها فله رجعتها ان كان قد دخل بها ولا تلزمه نفقة ما أعسر فيه ولا تصح رجعته إلا باليسار وقد روي عن مالك أنه إن ايسر في العدة كان له الرجعة في المدخول بها وغير المدخول بها ولا أدري ما هذا لأنها رجعية في من لم يدخل بها ومقدار النفقة على مقدار حال الرجل من عسره ويسره ما كان معروفا من مثله لمثلها. على الرجل أن يعدل بين النساء في القسم لكل واحدة منهن يوم وليلة ولا يزيد على ذلك إلا برضاهن ولا يجمع بينهن في منزل واحد إلا برضاهن ولا يسقط حق الزوجة مرضها ولا حيضتها ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها والقسم الواجب في الليل دون النهار وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته إلا أن يعجز عن الحركة فيقيم حيث غلب عليه المرض فإذا صح استأنف القسم وان كانت إحداهما معه في بلد والأخرى في غيره فليتحر العدل بينهما ولا يطيل المكث عند إحداهما ولا بأس أن يزيد إحداهما على الأخرى في نفقتها وكسوتها وحليها ما لم ينقص غيرها من حقها وقد قيل لا يفعل وان فعل ذلك لم يعدل وعلى الرجل أن يقيم عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا خلوا كان من النساء أو متزوجا فإن كانت له امرأة أخرى غير التي تزوج استأنف القسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج ولم ينقصها شيئا قال ابن عبد الحكم وقد قيل ان ذلك إنما هو عليه إذا كان له غيرها من الزوجات. وأما إذا لم يكن غيرها فليس عليه المقام عندها وهذا أشهر عن مالك من الأول وكلا القولين عن مالك وأهل المدينة مرويين وكذلك اختلف عن مالك أيضا في من تزوج امرأة وله أخرى هل المقام عليه واجب أو مستحب فروى ابن القاسم عنه ان مقامه عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا إذا كان له زوجة أخرى واجب عليه لا خيار له فيها. وروى عنه ابن عبد الحكم أن ذلك مستحب وليس بواجب وقد قيل ان له أن يخرج إلى صلاة الجماعة وغيرها وقيل لا يخرج إلا للجمعة وقد قيل لا يخرج أصلا حتى يقضي ما عليه من المقام ثلاثا أو سبعا والمسلمة والذمية في القسم سواء وكذلك الأمة والحرة عند مالك في القسم سواء وهو تحصيل مذهبه وقد روي عنه أن للحرة الثلثين من القسم وللأمة الثلث وهو قول سعيد بن المسيب وإليه ذهب عبد العزيز بن أبي سلمة وابنه عبد الملك. وروى أبو زيد عن عبد الملك أن مالكا رجع إلى قول سعيد بن المسيب في القسم بين الأمة والحرة فقال للحرة الثلثان وللأمة الثلث وليس للسراري مع الحرائر قسم وله أن يقيم مع السرية ما شاء ما لم يضر بالزوجة ويكره له أن يبيت عند غيرها مغاضبا وليس عليه في ترك وطء السرية إثم وإذا سافر الرجل سفرا كان له أن يسافر بامرأته إذا كان مأمونا عليها محسنا إليها فان امتنعت من السفر معه سقطت عنه نفقتها وليس له إذا كن نسوة أن يسافر باحداهن إلا بقرعة فإذا رجع استأنف القسم بينهن وقد قيل إنه يختار أيتهن شاء بغير قرعة والأول أصوب ولا يطأ احداهما في يوم الأخرى إلا باذنها وكره مالك أن يشتري الرجل من امرأته والمرأة من صاحبتها يوما وللرجل أن يعزل عن زوجته إذا كانت أمة باذن مولاها ولا يبالي عن اذنها وليس له أن يعزل عن المرأة إلا باذنها وله أن يعزل عن أمائه بغير اذنهن ولا يسقط العزل لحوق الولد إلا أن يدعي استبراء ومسائل لحوق الولد في كتاب اللعان وفي كتاب الإقرار وفي كتاب الدعوى ولا يأتي امرأة في دبرها حائضا ولا طاهرا والمرأة راعية على بيت زوجها وذات يده فعليها أن تحفظه في نفسها وماله ولا تخرج إلا باذنه ولا تبذر من ماله شيئا ولا تعطيه وأن قل أن لا عن طيب نفس منه وقد رخص لها في الصدقة من ماله بالتافه الذي يعلم أنه تطيب به نفسه وعليها أن لا تخالفه في مغيبة إلى أمر تعلم أنه يسؤه في محضره وحقها أن ينفق عليها من طوله ويطعمها مما يطيل عليها عبوس الوجه ولا يجتنب مضجعها إلا أن يريد بذلك تأديبها لصلاحها وعليه أن يخيفها في الله ولا يضاربها وان امتنعت من مضجعه ولم يقدر على صرفها بكلامه كان له ضربها غير مبرح ولا يضرب وجهها ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة البقرة إذا اعن الرجل عن امرأته قبل أن يصيبها وادعت ذلك عليه فانكرها فالقول قوله مع يمينه إن كانت ثيبا وان كانت بكرا فلمالك فيها قولان احدهما ان القول قوله مع يمينه كالثيب سواء والقول الآخر أنه ينظر إليها النساء فإن هي بكرا بحالها فالقول قولها وان قلن قد زالت عذرتها فالقول قوله مع يمينه وان قرأ بالعنة أجل سنة من يوم تطلب ذلك امرأته وترفع ذلك إلى السلطان فإن لم يطق في السنة أن يصيبها مع تمكينها إياه من نفسها فلها فراقه إن شاءت ولها عند مالك مهرها كاملا من أجل أنه استمتع بها فلها فراقه وكان غارا لها وكذلك لو طلقها وهي لم تعلم بعنته وقد كان دخل بها ثم علمت كان لها الصداق إذا اتفقا على أن لا مسيس وقد روي ذلك عن مالك أيضا وهو تحصيل مذهبه في ذلك أنه أن فرق بين العنين وبين امرأته للعنة بحدثان نكاحه فليس لها إلا نصف الصداق. وأما إن طال معها مكثه فإن لها عنده صداقا كاملا لم يختلف في ذلك قوله وان ادعى في السنة وبعدها أنه وصل إليها فالقول قوله مع يمينه والبكر والثيب هاهنا عند مالك سواء وفرقة العنين تطليقة بائنة فان تزوجها بعد ذلك كانت عنده اثنتين ولها الخيار في النكاح الثاني بخلاف المجبوب لان العنة يرجى زوالها. وأما الخصي والمجبوب فايهما دخل بامرأته ثم طلقها فإن عليه الصداق كاملا طالت العدة أو قصرت بخلاف العنين وان كان العنين عبدا أجل نصف أجل الحر عند مالك فأما جمهور الفقهاء فالحر والعبد عندهم في أجل العنين سواء وقد روي ذلك عن مالك أيضا ومن عن امرأته يعد ما أصابها لم يكن لها فراقه ولا القيام عليه أبدا وكذلك إذا كبر الرجل وضعف عن وطء لم يفرق بينه وبين امرأته. إذا وجد الرجل بامرأته جنونا أو جذاما أو برصا أو ما يمنع من الجماع مثل القرن والرتق والافضاء وهو أن يكون المسلكان واحدا في المرأة وأراد لذلك مفارقتها وكان له فسخ نكاحه بأمر من الحاكم فلا شيء لها إن لم يكن أصابها فإن علم به بعدما أصابها فلها مهرها المسمى بما استحل من فرجها ويرجع الزوج بذلك على وليها الأب والأخ لأنهما لا يكاد يخفى ذلك عليهما منهما وان كان الولي ابن عم او مولى أو رجلا من العشيرة لا علم له بشيء من ذلك فلا غرم عليه وعليها أن ترد الصداق كاملا لأنها غرت من نفسها إلا أنها يترك لها قدر ما يستحل به فرجها وذلك عند مالك ربع دينار أو ثلاثة دراهم وعلى الزوج اليمين أنه ما تلذذ منها بعدما رأى العيب بها ولو وطئها بعد العلم بما بها لزمته ولم يكن له ردها وإذا غرم الولي الصداق لم يرجع به على المرأة ولا يترك الزوج للولي شيئا إذا رجع عليه بالصداق ويحلف الأخوة وبنو العم أنهم ما علموا بذلك فإن حلفوا ردت المرأة الصداق إلا ربع دينار. وإن حدث أحد هذه العيوب بالمرأة بعد النكاح وقبل البناء كان الزوج مخيرا إن شاء دخل وأدى الصداق وإن شاء فارق وأدى نصفه وان كان أحد هذه العيوب الأربعة بالرجل فكرهته المرأة كان لها أن تفارقه إلا انه اختلف قول مالك هاهنا في البرص فمرة قال هو بالرجل كهو بالمرأة يرد به كما ترد المرأة ومرة قال هو بالرجل بخلاف المرأة فإن اختارت فراقه قبل الدخول فلا شيء لها إلا في العنين وحده لأنه غرها وان أصابها فلها مهرها وليس اصابته إياها رضى للأبد ولو وجد بعد النكاح أجل سنة لعلاجه فإن صح وإلا فرق بينهما وكذلك المجذوم ان لم يرج علاجه فرق بينهم مكانه إن اتبغت الفراق وان كان الجذام منتشر الرائحة مؤذيا أذى بينا فرق بينهما في الوقت إلا أن ترضى به واما البرص فلا ولا ترد المرأة بالعمى ولا بالسواد ولا بالعور ولا بأنها غير عذراء لان العذرة تزول بوجوه كثيرة ولا بأنها ولدت زنى ولا بشيء من العيوب كلها غير ما ذكرنا إلا أن يشترط السلامة في ذلك فان اشترطها ثم وجد العيب كان له الرد إن شاء. المفقود عند مالك وأصحابه على أربعة أوجه أحدها المفقود الذي قضى فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن تتربص زوجته أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل للأزواج وهو المفقود في أرض الإسلام في التجارات والتصرف أمره ولا يعرف مكانه فذلك يضرب السلطان لامرأته أجل أربع سنين إذا رفعت أمرها إليه بعد أن يفحص عن أخباره ثم تعتد بعد الأربع سنين أربعة أشهر وعشرا ثم يدفع لها كالئها إن كان أجله قد حل ويباح لها النكاح فإن نكحت وقعت الفرقة بينها وبين زوجها الأول من غير لفظ توقعه هي أو الحاكم عليها وقد قيل لا تقع الفرقة بينهما إلا بدخول الثاني فإن كان فقدها لزوجها قبل الدخول أعطيت نصف صداقها فإن ثبت بعد ذلك وفاته أكمل لها صداقها. وكذلك ان مضى عليه من الزمن ما لا يعيش إلى مثله ولم تنكح بعد الأربعة أشهر والعشر دفع إليها بقية صداقها وقد قيل يدفع إليها الصداق كله فان جاء بعد ذلك زوجها رجع عليها بنصفه وقيل لا يرجع عليها وان فقدته بعد الدخول بها ولم تكن قبضت صداقها دفع إليها الصداق كله وليست العدة والتأجيل بهاولم تكن قبضت صداقها دفع إليها الصداق كله وليست العدة والتأجيل الذي ضرب لامرأة المفقود طلاقا لأنه إن جاء قبل أن تنكح امرأته فهو أحق بها وان نكحت فدخل بها ثم أتى فلا سبيل له إليها ولا له عليها ولا على ناكحها شيء من الصداق الذي أصدقها لأنها قد استحقته بمسيسه لها وان نكحت ولم يدخل بها العاقد عليها ثم قدم زوجها ففيها قولان أحدهما أنه لا سبيل له إليها والثاني أنه أحق بها ما لم يدخل بها الذي تزوجها وهو أصح من طريق الأثر وليست مسألة نظر لأنا قلدنا فيها عمر رضي الله عنه. وكلا القولين قاله مالك وطائفة من أصحابه فإن رجعت إلا الأول قبل دخول الثاني بها كانت عنده على الطلاق كله ولو دخل بها الثاني ثم طلقها أو مات عنها ثم نكحها الأول كانت على طلقتين لأنه يلزمه بنكاحها تطليقة واحدة ولامرأة المفقود النفقة في مال زوجها في الأربع سنين أو في الأربعة الأشهر والعشر ورثته بعد ذلك أو قرب تزوجت أو لم تتزوج وان لم يثبت ذلك لم يورث إلا بيقين من موته أو يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش مثله في الأغلب إلى مثله ولو جاء الأول بعد دخول الثاني بها فقذفها حد لها ولم يلاعنها لانه ليس بينه وبينهما شيء من الزوجية والمفقود الثاني هو الأسير تعرف حياته وقتا ثم ينقطع خبره ولا يعرف له موت ولا حياة فهذا لا يفرق بينه وبين امرأته حتى يعمر وينقضي تعميره فيحكم له حينئذ بحكم الموتى في كل شيء إلا أنه لا يرث أحدا ولا يورث منه أحد مدته تلك لأنه شك ولا يتوارث بالشك ومثل هذا المفقود في أرض العدو والمعتوك بين الصفين وهو المفقود الثالث فإن هذا أيضا لا تتزوج امرأته أبدا أو يأتي عليه من السنين ما يعلم أنه قد مات لأنه لا يؤمن عليه الأسر في بلاد العدو فحكمه حكم الأسير المتقدم ذكره ويعمران جميعا والتعمير فيهما من السبعين إلى الثمانين وهذا أعدل الأقوايل في ذلك والمفقود الرابع هو المفقود في فتن المسلمين وأرضهم يفقد في معترك الفتنة وينعي إلى زوجته بهذا يجتهد فيه الامام ويتلو له أمرا يسيرا قدر ما يتصرف من هرب أو انهزام يجتهد في ذلك الحاكم والإمام فيما يغلب على ظنه مما يؤديه إليه الفحص عن أخباره. فإذا غلب عليه أنه هلك اذن لامرأته في النكاح بعد أن تعتد ويقسم ماله لأن هذا لا يجليه إلا أحد أمرين إما الموت وإما القتل لأنه ليس في أرض الإسلام فإن كانت المعركة في الفتنة على بعد من بلاد المفقود في أرض الإسلام وفتنتهم كان التلوم في ذلك لامرأته وسائر ورثته في ماله سنة أو نحوها ومن غاب عن امرأته فعلم موضعه كتب السلطان إليه إذا شكت ذلك إليه زوجته وأمره أن يقدم إليها أو يرحلها إليه أو يطلق كما فعل عمر بن عبد العزيز للذين غابوا بخراسان وتركوا نساءهم قال مالك ولقد أصاب عمر بن عبد العزيز وجه الأمر في ذلك فإن لم يفعل شيئا من ذلك طلق عليه وإذا نعي إلى المرأة زوجها في غير قتال بين المسلمين في فتنتهم وطلبت فراقه لم يلتفت إلى ذلك ولم يضرب لها في ذلك أجل ولا يفرق بينها وبينه إلا ببينة تثبت على الوفاة أو الطلاق ولو نكحت على ذلك فسخ نكاحها علمت حيث زوجها أو لم تعلم لأنه محمول على الحياة على أصل أمره إلا أن يشترط لها في المغيب شرطا يعقده بيمين طلاق فتأخذ بشرطها إن شاءت فإن لم يعرف خبره وعمي أمره صار مفقودا وحكم فيه بحكم المفقود المذكور في أول الباب وإذا نعي إلى المرأة زوجها فاعتدت ونكحت بعد العدة ثم جاء زوجها كان أحق بها من الثاني أو لم يخل ولو ولدت الأولاد إذا نكحت دون يقين ولا اجتهاد إمام ولا يقر بها الأول إلا بعد تمام عدتها من الثاني الذي فرق بينه وبينها والله الموفق للصواب الطلاق للعدة مباح وان كرهت المرأة مسيئة كانت أو محسنة قبل الدخول وبعده إلا أن مكثر الطلاق مذموم وليس ذلك من محاسن الأخلاق وطلاق كل مسلم عاقل بالغ يلزمه وسواء كان عبدا أو حرا أو مالكا لنفسه أو مولى عليه وطلاق السكران وعتاقه لازم له عند مالك وأكثر أهل المدينة وطلاق المكره لا يلزم إذا أكره عليه ولم تكن له فيه نية ولا يجوز طلاق الصبي حتى يحتلم ولا المجنون ولا المغمى عليه حتى يفيق ولا المعتود المطبق وكان مالك لا يرى طلاق الكافر يلزمه في حال كفره وخالفه في ذلك غيره ويلزم الأخرس طلاقه إذا طلق بإشارة مفهومة او كتاب وللطلاق سنة لا ينبغي أن تتعدى ومن تعداها عصى ربه وظلم نفسه ولزمه فعله والسنة إنما جاءت في طلاق المدخول بها وليس في طلاق غير المدخول بها سنة ولا بدعة ولمطلقها أن يطلقها متى شاء وكم شاء والواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره وكذلك الحامل السنة ولا بدعة في طلاق واحدة منهن فإذا طلقها مطلقها واحدة كان لها ذلك متى شاء من الأوقات والأحوال ولا يكون عاصيا لربه بتلك الطلقة إذا لم يتبعها طلاقا آخر في عدتها فإن أتبع واحدة منهن طلاقا في عدتها أو أوقع عليها ثلاث تطليقات مجتمعات لم يكن مطلقا للسنة عند مالك وخالفه طائفة في ذلك فرأوها للسنة لازمة والسنة في طلاق المدخول بها أن يطلق الرجل امرأته التي يريد طلاقها وهي طاهر من حيضتها قبل أن يجامعها طلقة واحدة ويتركها تمضي في عدتها ولا يردفها طلاقا في طهرها وفي سائر عدتها فان كان له مذهب في مراجعتها راجعها قبل أن تنقضي عدتها وإلا تركها حتى تنقضي عدتها بالأقراء إن كانت ممن تحيض أو بتمام ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا يحيض ثم تبين منه بانقضاء عدتها وتملك نفسها فان أراد مراجعتها استأنف نكاحها برضاها وبصداق وولي والسنة في الطلاق عند مالك تقتضي معنيين وهما الموضع والعدد لا يزيد على طلقة واحدة ولا يوقعه إلا في طهر لم يمس فيه فان طلقها في طهر جامعها فيه أو حائضا أو نفساء فهو طلاق بدعة لا طلاق سنة وهو فيه معتد حدود ربه عاص ظالم لنفسه ويلزمه فعله وليس الطلاق من القربات التي لا تقع إلا على سنتها ومن المحال والجهل أن يلزم المطيع لربه المتبع في طلاقه سنة نبيه الطلاق ولا يلزم به العاصي ان خالف لما امر به فيه ولم يختلف فقهاء الأمصار وأئمة الهدى فيمن طلق ثلاثا في طهر مس فيه أو لم يمس فيه أو في حيض أنه يلزمه طلاقه ولا تحل له امرأته بعد زوج والمطلق في الحيض يؤمر عند مالك بمراجعة امرأته ويجبر على ذلك ما دامت في العدة وبه قال ابن القاسم وعبد الملك واما أشهب فقال يجبر ما لم تخرج إلى الطهر الثاني قال كيف أجبره على الرجعة في موضع له أن يطلق فيه فإذا راجعها أمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيوقع الطلاق إن شاء على سنته وتعتد بتطليقه في الحيض فإن طلقها بعد ذلك في الطهر بقيت عنده على طلقة واحدة واحتسبت باثنتين وقد بينا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تحيض ثم تطهر في كتاب التمهيد والحمد لله وحده. وسيأتي كثير من أحكام طلاق السنة في باب الرجعة من هذا الكتاب بعون الله ومن أوقع في طهر لم يمس فيه أكثر من واحدة فهو عند مالك غير مطلق للسنة ويلزمه ما وقع من الطلاق والسنة عند مالك في الموضع لا في العدد فإذا طلق في طهر لم يمس فيه يعد طلاق السنة سواء أوقع واحدة أو ثلاثا أو أكثر حرمت عليه ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وسواء أوقعها مجتمعات أو متفرقات ولو كانت زوجته أمه فبت طلاقها ثم استبرأها لم تحل له بملك يمين لم تحل بذلك حتى يطأها بعد طلاقه لها بعقد نكاح وغاية طلاق الحر ثلاث تطليقات وغاية طلاق العبد تطليقتان يحرم عليه معهما ما يحرم على الحر بالثلاث وحكم الطلاق بالرجال لا بالنساء والعدة بالنساء لا بالرجال وتفسير ذلك أن الحر لا تحرم عليه امرأته حرة كانت أو أمة بتطليقتين وان الحرة تعتد من طلاق العبد أو طلاق الحر لها ثلاث قروء والأمة عدتها من الحر ومن العبد قرءان وسنفرد للعدد بابا كافيا في هذا الكتاب إن شاء الله والاشهاد على الطلاق ليس بواجب فرضا عند جمهور أهل العلم ولكنه ندب وإرشاد واحتياط للمطلق كالاشهاد على البيع والاشهاد على الرجعة كذلك وقد قيل الاشهاد على الرجعة أوكد. للطلاق صريح من الألفاظ وكناية فصريحه ما نطق به القرآن من الطلاق والسراح والفراق قال الله عز وجل فطلقوهن لعدتهنالطلاق وقال فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروفالطلاق وقال أو فارقوهن بمعروفالطلاق ولم يختلف في من قال لامرأته قد طلقتك أنه من صريح الطلاق في المدخول بها أو غير المدخول بها واختلف قول مالك في من قال لامرأته قد فارقتك أو سرحتك على ما يأتي بعد هذا الباب إن شاء الله ومن قال لامرأته أنت طالق فهي واحدة إلا أن ينوي أكثر من ذلك فإن نوى بقوله انت طالق اثنتين أو ثلاثا لزمه ما نوى وان لم ينو شيئا فهي واحدة يملك الرجعة ولو قال أنت طالق وقال أردت من وثاق لم يقبل قوله ولزمه الطلاق إلا أن يكون هنالك ما يدل على صدقه ومن قال أنت طالق واحدة ولا رجعة لي عليك فذلك باطل وله الرجعة لقوله واحدة إلا أن ينوي ثلاثا فيكون عند مالك ثلاثا وان قال أنت طالق طلاقا لا رجعة لي معه عليك طلقت ثلاثا إلا أن ينوي واحدة فينوي في الاستفتاء دون القضاء ومن قال انت طالق بائنة ولم يقل واحدة بائنة فقد اختلف قول مالك في ذلك فمرة قال هي واحدة بائنة كالخلع ومرة قال هي رجعية ومرة قال هي ثلاث وكذلك اختلف قوله فيمن قال لامرأته أنت طالق طلاق الخلع فمرة قال هي واحدة بائنة إلا أن ينوي أكثر من ذلك ومرة قال هي رجعية والذي عندي فيمن طلق امرأته بقوله أنت طالق أنها لا تكون بائنة سواء قال طلاق الخلع أو لم يقل إلا أن تختلع منه بشيء يقبله منها قل أو كثر لقول الله تعالى وبعولتهن أحق بردهنالبقرة يعني في العدة ومن قال أنت طالق الطلاق كله فهي ثلاث واختلف قول مالك في قول الرجل لامرأته قد فارقتك أو سرحتك فروي عنه أنه صريح الطلاق كقوله أنت طالق. وروي عنه أنها كناية يرجع فيها إلى نية قائلها أو يسئل ما أراد من العدد مدخولا كانت بها أو غير مدخول وقد روي عنه فيمن قال لزوجته قد سرحتك وأنت طالق سراحا أنها بائنة بثلاث ومن قال لامرأته أنت طالق طلاق الحرج طلقت ثلاثا. وأما الكنايات فقول الرجل لامرأته أنت مني برية أو خلية أو بائن أو بتة أو أنت علي حرام أو الحقي بأهلك أو قد وهبتك لأهلك أو قد خليت سبيلك أو لا سبيل لي عليك أو قد سرحتك أو قد أبنتك وأنا منك بات أو بائن فهذه الفاظ كلها ثلاث ثلاث عند مالك في كل من دخل بها لا ينوي فيها قائلها وينوي فيها في غير المدخول بها وقد روي عن مالك وطائفة من أصحابه وهو قول جماعة من أهل العلم أنه ينوي في هذه الألفاظ كلها ويلزم من الطلاق ما قال وهو عندي بالصواب أولى وقد روي عنه في البتة خاصة من بين سائر الكنايات لا ينوي فيها لا في المدخول بها ولا في غيرها واختلف قوله في معنى قول الرجل لامرأنه اعتدي وقد خليتك أو حبلك على غربك فقال لا ينوي فيها كلها في المدخول بها وغيرها وبه أقول ومن قال لامرأته أنت حرة وأراد بذلك الطلاق كانت طال عند مالك كما لو قال لامته أنت طالق وأراد العتق كانت عنده حرة ومن قالت له امرأته خالعني بعشرة دنانير لم يكن لها مطالبته بصداقها لأنها قد أعطته واختلعت منه ولو قالت له طلقني بعشرة دنانير لم يكن له إلا العشرة الدنانير وكان لها عليه صداقها كله ان كان دخل بها أو نصفه ان كان لم يدخل بها وقال أشهب ذلك كله سواء ولا يسقط عنه مالها عليه من صداقها إلا أن تذكر بأن ذلك تقول من صداقي أوسوى صداقي ونحو هذا وفرق ابن القاسم بين المدخول بها وغير المدخول بها إذا صالحها والمسئلة بحالها فجعل للمدخول بها الرجوع بما لها عليه من الصداق كما قال أشهب في الوجهين ومن أعتقد بقلبه الطلاق ولم ينطق به لسانه فليس بشيء هذا هو الأشهر عند مالك وقد روي عنه أنه يلزمه الطلاق إذا نواه بقلبه كما يكفر بقلبه وان لم ينطق به لسانه والأول أصح في النظر وطريق الأثر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاوز الله لأمتي عما وسوست به نفوسها ما لم ينطق به لسانه أو تعمله يد. كل طلاق بصفة فهو يقع بوجودها ومن طلق إلى أجل فإن كان الأجل آتيا لا محالة وكان يبلغه عمره ويكون إتيانه مع بقاء نكاحه وقع الطلاق في الوقت حين تكلم ولم ينتظر به الأجل مثل قوله أنت طالق إلى شهر أو إلى سنة أو إلى غد أو في غد ونحو ذلك فإن طلقها إلى أجل لا يبلغه عمره مثل قوله أنت طالق إلى ألف سنة أو بعد ألف سنة أو ما لا أشبه ذلك من الزمان البعيد فالجواب على أصول مالك يتوجه في ذلك على وجهين أحدهما أنها تطلق في الحال وجعل قوله إلى ألف سنة كالندم واستدراك ما سبق فيه ولآخر أنهما لا تطلق بحال وهو القياس لأنها صفة لا تقع وهو حي كأنه قال أنت طالق بعد موتي وان قال إذا مات فلان فأنت طالق طلقت في الوقت وقد اختلف جوابه في قوله إذا مت أنا فانت طالق وإذا مت أنت فانت طالق أو أنت طالق يوم أموت أو يوم تموتين قيل تطلق الآن رواية ابن وهب وقيل لا شيء عليه رواية ابن القاسم وكذلك اختلف قوله في قول الرجل لامرأته وهي حائض إذا طهرت فأنت طالق فمرة قال لا تطلق حتى تطهر وبه قال عبد الملك ومرة قال أوقع الطلاق في الحال ولو قال لها أنت طالق إلى الجذاذ أوإلى العصير أو إلى الحصاد أو إلى قدوم الحاج طلقت في الحال وإذا قال لامرأته إذا وضعت فأنت طالق لم تطلق حتى تضع حملها وقد قيل عنه تطلق في الحال فإن كان في بطنها ولدان فعن مالك في ذلك روايتان احداهما أنها لا تطلق حتى تضع الحمل كله هذه رواية ابن وهب والأخرى أنها تطلق بأول ولد تضعه ومن قال لامرأته أنت طالق إذا أمطرت السماء غدا فأنت طالق لم تطلق غدا إلا بوجود المطر في غده ولو قال لها أنت طالق لتمطرن السماء غدا طلقت في الحال عند ابن القاسم ولم تطلق عند أشهب إلا أن تمطر السماء في غد ولو قال لها أنت طالق إن لم يكن في هذه اللوزة حبتان تطلقت عند مالك في الحال وسواء وجد في اللوزة إذا كسرت حبتان أو لم يوجد. وعند غير مالك لا يقع عليه طلاق إذا وجد في اللوزة حبتان وهو قول أشهب ومن قال لزوجته أنت طالق إذا قدم فلان لم تطلق حتى يقدم فلان ويعلم قدومه وله أن يطأها حتى يستيقن قدومه ومن قال لامرأته أنت طالق إذا دخلت الدار لم تطلق حتى تدخلها وكذلك سائر الصفات التي قد تكون وقد لا تكون ومن قال لامرأته أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق كانت ثلاثا إلا أن يريد التكرير وقد قيل لا ينوي هاهنا ولو قال أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق كانت ثلاثا ولم ينو ولو قال لها أنت طالق إذا حملت ففيها عن مالك روايتان إحداهما أنه إذا وطئها مرة طلقت عليه عقب وطئه والرواية الأخرى أنه يطأها في كل طهر مرة ثم يمسك عنها فإن حملت طلقت وان حاضت لم تطلق وانتظر طهرها فوطئها ثم هكذا أبدا حتى يظهر حملها ولو قال أنت طالق إن لم يكن بك حمل طلقت عليه في الحال كان بها حمل أو لم يكن عند مالك ولو قال لها أنت طالق إذا وطئتك لم تطلق حتى يطأها فإذا وطئها طلقت بالايلاج ونوى مع ذلك رجعتها وثبت على نكاحها ولو قال ان وطئتك فأنت طالق ثلاثا لم يجز له وطئها لأنها تحرم بالإيلاج الأول وليس له أن يجامعها وهو اختيار عبد الملك وقال الاخراج في حرام لا الايلاج وقد روي عن مالك انه لا تطلق عليه حتى يطأها فإذا أولج طلقت ولم يقع إخراجه في حرام لأنه لا بد منه ولو قال لها أنت طالق كلما وطئتك طلقت عليه بوطئه مرتين بتطليقتين وراجعها عند الإيلاج في المرتين ولا يجوز له أن يطأها مرة ثالثة لأ أنها تحرم عليه تحريما لا رجوع له إليها إلا بعد زوج ولو قال لأربع نسوة له أيتكن رقدت معها الليلة وقمت عنها من غير أن نطأها فصواحبها طوالق فرقد مع احداهن وقام عنها دون ان يطأها ثم فعل ذلك بالثانية والثالثة وجب عليه الإمتناع من الرابعة ولم يجز له أن يرقد معها لأنها قد بانت منه بثلاث ولزم صواحبها تطليقتان ولو وطأ واحدة منهن كانت رجعية. وأما الرابعة فلا سبيل له إليها إلا بعد زوج ولو قال لامرأته أنت طالق واعتدي كانت تطليقتين إلا أن يريد إعلامها أن العدة عليها وكذلك لو قال لها أنت طالق اعتدي والطلاق لا يتبعض فلو طلق بعض تطليقة كانت تطليقة كاملة وأن طلق طلقة ونصفا كانت تطليقتين وإن طلق تطليقتين ونصفا كانت ثلاثا وان قال لأربع نسوة بينكن طلقة طلقن كلهن واحدة وان قال بينكن خمس تطليقات طلقن اثنتين وان قال بينكن تسع تطليقات إلى ما فوق هذا طلقن ثلاثا وان طلق بعض امرأته طلقت طلاقا كاملا وان قال يدك أو رجلك أو اصبعك أو شعرك أو فرجك أو شيء منها طالق طلقت ولو قال ها أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة أو إن لم أكن من أهل النار طلقت عليه عند مالك ولو قال لها أنت طالق إن كنت تحبيني أو إن كنت تبغضيني استحب له مالك أن يلتزم طالقها ولا يقبل قولها ومن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة فله استثناؤه إذا كان استثناؤه جائزا في اللغة معروفا وأبقى ما يقع الاستثاء فإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا لم ينفعه الاستثناء ولزمه ثلاث تطليقات لان هذا نادم غير مستثنى والله أعلم وليس في الطلاق ولا العتاق استثناء بإن شاء الله وإنما هو الاستثناء في اليمين بالله خاصة فمن قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله طلقت عند مالك وإن علق المشيئة بأدمي لم تطلق حتى يعلم أنه شاء فإن لم تعلم مشيئته لم تطلق ومن قال لامرأته أنت طالق إن شاء هذا الحجر أو الحائط أو فلان قد مات لم تطلق في شيء من ذلك كله وقد قيل أنه نادم في الحجر والحائط وأنه يلزمه الطلاق والأول أصح ومن قال أنت طالق ان فعلت كذا وكذا إلا أن يشاء الله طلقت ولم ينفعه الاستثناء وقد قيل ان له هاهنا ثنياه إذا أراد في الفعل دون الطلاق. من حلق بالطلاق أو غيره ألا يفعل شيئا ثم فعله عامدا أو ناسيا حنث وإن أكره أو غلب أو فاته من غير تفريط لم يحنث ولو قال أنت طالق إلا أن يبدو لي لزمه الطلاق ولم ينفعه قوله أن يبدو لي ولو قال أنت طالق إن فعلت كذا وكذا إلا أن يبدو لي في ذلك إذا أراد ألا أن يبدو لي في ذلك الفعل أو يبدل الله ما في نفسه من ذلك وإن قال إن لم أطلقك فأنت طالق طلقت في الوقت إن لم يطلقها وإن طلقها فحسبه وإن قال لها أنت طالق إن لم أتزوج عليك أو إن لم أتسر عليك فإن ضرب لذلك أجلا استحب له أن يكف عن وطئها وليس ذلك بواجب عليه وقيل له أن يطأها كالذي يقول لامرأته أنت طالق إن لم يقدم فلان وهذا أصح عن مالك وأشبه بما عليه جمهور أهل العلم فإن انقضى الأجل قبل أن يتزوج حنث وطلقت عليه وإن لم يضرب لذلك أجلا لم يكن له أن يطأها عند كثير من أصحاب مالك ويضرب له أجلا الإيلاء عندهم وقيل هو مرتهن بيمينه أبدا فإن مات قبل أن يتزوج عليها أو يتسرى توارثا لأن الحنث لا يلحقه إلا بموته والميت لا يلحقه طلاق ومن حلف ألا يفعل شيئا ففعل بعضه حنث عند مالك وكذلك عنده من حلف أن يفعله ففعل بعضه وقد روي عنه وهو قول أكثر أهل العلم أنه لا يحنث في الوجهين والأول تحصيل مذهبه وقد بينا معاني هذا الباب في الإيمان ومن حلف بطلاق امرأته إن فعلت شيئا ذكره ثم طلقها طلقة أو طلقتين ثم راجعها وفعلت ذلك رجعت عليه اليمين ولو طلقها طلقة أو طلقتين أو ثلاثا ثم راجعها بعد زوج وفعلت لم ترجع عليه اليمين. كان مالك رحمه الله يرى فيمن حلف بالطلاق على شيء ثم شك هل حنث أم لا أن يفارق امرأته ولا يجبره على ذلك وقال ابن القاسم يلزمه الطلاق ولم يختلف أنه لو شك هل طلقها أم لا أنه ليس عليه شيء ولا يلزمه شيء وأنه على نكاحه ولو أيقن أنه حلف بالطلاق ولم يدر أبواحدة حلف أو باثنتين أو بثلاث ثم حنث لزمه عند مالك الثلاث ولم يختلف قول مالك في من طلق امرأة من نسائه ولم يدر أيتهم المطلقة انهن يطلقن عليه كلهن ومن قال لا أدري حلفت فحنثت أم لا فلا شيء عليه ولم يختلف العلماء في من شك في طلاقه ومات على شكه في ذلك أن امرأته ترثه ولو شهد رجلان عليه بطلاق امرأة من نسائه ولم يعرفاها بعينها وهو جاحد لذلك حلف وأقر معهن وورثته وورثهن ومن طلق امرأته واحدة أو أثنتين ثم تزوجت زوجا وفارقها ثم راجعها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها وإنما يهدم الزوج الثلاث ولا يهدم ما دونها ومن طلق دون الثلاث فنكاحه لها بعد زوج وقبله سواء ومن حلف بطلاق امرأة بعينها إن نكحا لزمه ذلك وإن قال كل بكر أو ثيب أنكحها فهي طالق لزمه وكذلك إن خص قبيلة أو ضرب أجلا يبلغه عمره أو خص بلدة أو عم واستثنى شيئا من ذلك العموم فإن عم دون استثناء فلا شيء عليه لأنه حرم على نفسه من النساء ما أحل الله له ولو قال كل بكر أتزوجها فهي طالق ثم قال بعد ذلك كل ثيب أنكحها فهي طالق لزمه ذلك في الابكار دون الثيبات وقد قيل يلزمه اليمينان جميعا والأول أصح وإذا قال لامرأة أجنبية إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها لزمه طلاقها فإن عاد وتزوجها ثانية لم تطلق عليه إلا ان يقول كلما تزوجتك فأنت طالق فإن قال ذلك طلقت عليه كلما تزوجها ولو قال كل امرأة أتزوجها من بلد كذا فهي طالق فتزوج من ذلك البلد امرأة طلقت عليه ثم كلما عاد فتزوج منها امرأة طلقت عليه ومن قال كل امرأة أنكحها حاشا فلانة فهو عند مالك كمن عم لا يلزمه شيء لأنه يمكن أن تمنعه أو تموت وكذلك عنده في المرأتين والثلاث ومن أشبه ذلك فإن كثرن لزمه لأنه استثنى من العموم مالا يضيق على نفسه ما أباح الله من النكاح وما يؤمن عليه معه العنت وليس هذا كمن قال لامرأته كل امرأة أنكحها عليك فهي طالق لأنه لا يخشى على من في عصمته امرأة عنت ولأنه يطلقها وينكح ما شاء ولو قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك ما عشت فهي طالق لزمه ما دامت في عصمته فإن طلقها ثم تزوج في حياتها طلقت أيضا إلا أن يريد ما عشت في عصمتي أو زوجة لي وإن قال لامرأة في عصمته كل امرأة أتزوجها سواك فهي طالق لم يلزمه شيء. كل مريض مثبت المرض طلق امرأته في مرضه ثم مات من ذلك المرض ورثته امرأته عند مالك وجمهور أهل المدينة وعليه أكثر أهل العلم اتباعا لعثمان في توريث امرأة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما وسواء عند مالك مات في العدة أو بعد انقضاء العدة وسواء عند مالك طلقها واحدة أو أثنتين أو ثلاثا اتباعا لقضاء عثمان بمحضر جماعة من الصحابه والطلاق البت والخلع وغير ذلك سواء إذا كان المرض مخوفا عليه ومات منه فإن طلقها في مرضه قبل الدخول بها كان لها نصف الصداق ولا عدة عليها للوفاة ولا للطلاق وترثه إن مات في مرضه ذلك وإن كانت مدخولا بها اعتدت من يوم طلاقه فإن كان طلاقه بائنا ومات في العدة لم تنتقل عدتها وإن كان طلاقها غير بائن انتقلت عدتها إلى عدة الوفاة فإن ماتت امرأة المطلق في المرض لم يرثها إلا أن يكون طلاقه إياها رجعيا وتموت في العدة ولو تزوجت المطلقة في المرض أزواجا كلهم يطلقونها في مرضه لورثت كل من مات منهم عند مالك وإن كانت تحت زوج وكل يمين بالطلاق انعقدت في الصحة وقع الحنث بها والحالف مريض فهو طلاق في مرض ترثه امرأته وكذلك التخيير والتمليك واللعان كل ما وقع من ذلك في المرض ومات ورثته امرأته على حسب ما وصفنا فإن صح من مرضه الذي طلق فيه ثم مرض مرضاآخر فمات منه قبل انقضاء العدة لم ترثه ولو طلق المسلم زوجته كتابية في مرضه فأسلمت قبل موته ورثته في العدة وبعدها عند مالك وكذلك لو طلقها في مرضه وهي أمة فأعتقت قبل موته ورثته في العدة وبعدها إذا كان موته من ذلك المرض ومن طلق امرأته في صحته طلقة رجعية ثم أبتها في العدة وهو مريض لم ترثه إلا ما دامت في العدة فإن مات بعد العدة لم ترثه وقد قيل إنها ترثه بعد انقضاء العدة لأنه إنما أبتها في مرضه وفرض ميراثها لأنها كانت ترثه ولو مات في عدتها ومن أهل المدينة من يقول لا ترث مبتوتة في مرض ولا صحة وبالله التوفيق. وإذا طلق الكافر ذميا كان أو حربيا زوجته ثم أسلم وهي عنده لم يفرق بينهما ولم يلزمه طلاقها وكذلك لو أعتق عبده ثم أسلم وهو عنده لم يلزمه عتقه وكذلك لو حلف بالطلاق أو العتق أو غير ذلك من الإيمان في كفره ثم أسلم ففعل شيئا من ذلك في إسلامه وحنث لم يلزمه حنثه ولا شيء عليه ولو أسلمت امرأته قبله فطلقها ثم أسلم في عدتها ثبت على نكاحه ولم يلزمه طلاقها هذا كله قول مالك وأصحابه وغيرهم يخالفهم في ذلك فيلزم المشرك الطلاق في شركه كما يلزم المسلم قياسا على نكاحه في الكفر إذا سمع رجلان عدلان رجلا يطلق امرأته أو يعتق عبده أو أمته لزمهما أن يشهدا بذلك عند الحاكم وإن لم يشهدهما المطلق أو المعتق على نفسه وسواء ادعت المرأة أو العبد ذلك أو لم يدعياه لأنه من حقوق الله عز وجل ولا يشهدا في شهادة السماع في الحقوق حتى يسألهما صاحب الحق ويطلب شهدتهما ولا يجوز في الشهادة على الشهادة السماع حتى يشهدهما الشاهدان على شهادتهما. وأما أن يسمع رجل رجلا يقول أشهدني فلان بكذا فلا يجوز له أن يشهد على شهادته حتى يشهده على ذلك ولا يجوز في الطلاق إلا شهادة رجلين عدلين ولا يجوز فيه شهادة النساء ولا شاهد ويمين ولا رجل وامرأتان ولا يجوز فيه إلا شهادة رجلين يشهدان على واحد بإيقاع الطلاق أو بإقرار بالطلاق وإن اختلف الشاهدان فقال أحدهما طلق واحدة وقال الآخر طلق اثنتين أو ثلاثا ثبتت واحدة وحلف على نفي الأخرى فإن حلف بريء منها وإن نكل ففيها روايتان عن مالك إحداهما أنه تلزمه تطليقة أخرى والأخرى أنه لا يلزمه إلا تطليقة واحدة بشهادتهما ويحبس حتى يحلف على الأخرى فإن طال حبسه ترك وكذلك لو شهد واحد بواحدة وآخر باثنتين وآخرى بثلاث كانت اثنتين وعلى هذا فاعمل في مثل ذلك ولو شهد أحدهما على طلاقه والآخر على إقراره بالطلاق لزمه الطلاق عند مالك وأكثر أصحابه ولو شهد رجلان على رجل بطلاق امرأته في زمنين مختلفين لزمه الطلاق وكانت شهادتهما مضمومة بعضها إلى بعض عاملة ولو شهد أحدهما أنه علق طلاقها بفعل والآخر أنه فعل لم تضم شهادتهما ولم يلزمه الطلاق لأن الشهادة على الأقوال مضمومة عند مالك والشهادة على الأفعال غير مضمومة إلا أن يثبت على فعل واحد شاهدان ولو أشهد وكتم الشهود شهادتهم بالطلاق إلى أن مات ثم شهدوا بذلك بعد موته لم تقبل شهادتهم إذا كانوا حضورا مع الزوجين. من خير امرأته فقال اختاري فاختارت زوجها لم يلزمه طلاق وثبت على نكاحها وإن اختارت فراقة وكانت مدخولا بها لم تبن بأقل من ثلاث وإن اختارت نفسها بأقل من ثلاث لم يلزمه من ذلك شيء فإن قضت بثلاث لزما ثلاث ولا نكرة له إلا في التي لم يدخل بها بخلاف التمليك فإن التي لم يدخل بها له مناكرتها في التخيير والتمليك إذا زادت على واحدة لأنها تبين في الحال. وأما التي قد دخل بها فليس له مناكرتها إذا خيرها تخييرا مطلقا لم يقيده بعدد فأما إذا خيرها في عدد بعينه مثل واحدة أو اثنتين لم تكن لها الزيادة على ما جعل إليها وقد قالت طائفة من أهل المدينة له المناكرة في التخيير وفي التمليك سوا في المدخول بها وغير المدخول بها والأول قول مالك وقال آخرون من المدنيين وغيرهم التمليك والتخيير سواء والقضاء ما قضت فيهما جميعا وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة قال ابن شعبان وقد اختاره كثير من أصحابنا وهو قول جماعة من أهل المدينة قال أبو عمر على مذهب هذا القول أكثر الفقهاء والأول تحصيل مذهب مالك والتخيير على المجلس فإن لم تختر ولم تقض بشيء حتى افترقا من مجلسهما بطل ما كان من ذلك إليها وهذا أحد قولي مالك وعليه أكثر الفقهاء وقد قال مالك إن ذلك بيدها ما لم توقف أو توطأ أو تباشر فعلى هذا القول إن منعت نفسها ولم تختر شيئا كان له رفعها إلى الحاكم لتوقع أو تسقط فإن أبت سقط الحاكم تمليكها وعلى القول الأول إذا حدث في غير ذلك من حديث أو عمر أو شيء أو ما ليس من التمليك في شيء سقط تمليكها واحتج بعض أصحابنا في هذا بقول الله عز وجل فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره النساء والذي يفارق فيه التمليك التخيير عند مالك وأصحابه انه إذا ملك امرأته كان له أن يقول ملكتك بعض الطلاق دون جميعه أو ملكتك واحدة أو ملكتك أكثر ويحلف على ذلك وكان للمرأة أن تقضي بالبعض من ذلك أيضا بخلاف التخيير والتمليك قوله أمرك بيدك أو طلاقك بيدك أو طلقي نفسك ونحو هذا من القول وما جعل إليها من ذلك يكون بيدها تقضي فيه ما شاءت ما داما في مجلسهما وقد قال مالك أيضا إن الذي بيدها ثابت لا يلزمها قيامها من المجلس على ما ذكرنا عنه في التخيير فعلى هذا القول الآخر من ملك امرأته أمرها فقالت قد قبلت أو رضيت أو اخترت ثم افترقا قبل أن توقع طلاقا فالتمليك ثابت فإن قالت قبلت أمري فإن أردت الطلاق فذلك لها وإن لم ترد الطلاق لم يكن طلاقا وإن قالت قد قبلت واخترت نفسي لزمه بهذا القول الطلاق فإن قالت لم أرد طلاقا بعد قولها اخترت نفسي لم يقبل قولها وإن قالت قد قبلت التمليك ثم سئلت ما أردت فقالت ما أردت شيئا لم يلزم الزوج شيء وكل من قال لزوجته أمرك بيدك فقالت قد قبلت سئلت ماذا أرادت بقولها قد قبلت. فإن أرادت الطلاق طلقت طلقة رجعية وإن قالت أردت اثنتين أو ثلاثا كان له ان يناكرها ويحلف على ما أراده بتمليكه إياها من الطلاق وإن قالت لم أرد شيئا فلا شيء على الزوج إذا ناكرها لم يحل له أن يحلف إلا على مانوى في حين التمليك فإن لم ينو شيئا فالقضاء ما قضت والمملكة قبل البناء وبعده سواء له أن يناكرها لو قضت بأكثر من واحدة ويحلف على ذلك وإذا قضت المملكة بالثلاث ولم ينكر عليها في الوقت لزمه فإن ناكرها وقال لم أرد بالتمليك إلا طلقة واحدة فالقول قوله مع يمينه وإن لم تكن له نية فلها أن توقع ما شاءت من عدد الطلاق ولا مناكرة له عليها وإن ملكها الثلاثة مداحا وقضت بهن لم يكن له أن يناكرها وإن ملكها بشرط فوجد الشرط ملكت أمرها وألا لم تملكه وإن ملكها بصفة لا بد من كونها في العادة لزمه ذلك وإن ملكها إلى أجل ملكت نفسها في الحال وإن ملكها بصفة قد توجد وقد تفقد لم تملك نفسها في الحال حتى توجد الصفة وإن ملكها على عوض كان الطلاق بائنا وإن ملكها بصفة قد توجد الصفة وإن ملكها على عوض كان الطلاق بائنا وإن ملكها على غير عوض متبرعا لذلك ولم يكن في حين عقد نكاحها ولا شرط ذلك عليه لها بالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها فيحلف أنه نوى واحدة ويكون أملك بها ولو ملكها أمرها عند عقد نكاحها معه فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها فيحلف أنه نوى واحدة ويكون أملك بها ولو ملكها أمرها عند عقد نكاحها معه أن تزوج عليها أو تسرى أو غاب عنها أو أخرجها من دارها أو ضربها فتزوج أو فعل شيئا من ذلك فأمرها بيدها ولها أن تطلق نفسها ثلاثا إن شاءت أو ما شاءت من الطلاق لم يكن له مناكرتها وإنما يكون له عند مالك مناكرتها إن ملكها طائعا بغير شرط ولا في حين عقد النكاح وذكره ابن وهب في موطئه وذكر إسماعيل عن أبي ثابت عن ابن وهب قال قال مالك في الذي يشترط لامرأته على نفسه عند عقد نكاحه إن نكحت عليك أو تسريت أو أضررت بك فأمرك بيدك ثم يفعل فتطلق نفسها البته فيقول ما ملكتك إلا واحدة. قال مالك القول قولها ولا سبيل له عليها إلا بعد زوج قال ولو ملكها وهي في عصمته طائعا متبرعا كان القول قوله ويحلف أنه ما ملكها إلا واحدة قال ولايشبه هذا الذي يشترطون عليه في أصل النكاح قلت وما الفرق ينهما قال لأن هذا تبرع به والآخر شرطوا عليه فلو كان له أن يرتجعها لم ينفعها شرطها والذي تبرع بذلك من غير شرط فالقول قوله ويحلف وطلقته رجعية وليس كذلك ما كان في أصل النكاح وعند عقده وذكره ابن عبد الحكم عن مالك قال ومن ملك امرأته وشرط ذلك في عقد النكاح أن تزوج عليها فتزوج فطلقت نفسها فقال لم أرد إلا واحدة فليس ذلك له وقد بانت منه وإنما ينوي في الذي ملكها طائعا من غير شرط ولو ملكها أمرها عند عقد نكاحها أن تزوج عليها فتزوج وطلقت نفسها ثلاثا لم يكن له مناكرتها عند مالك وإن ملكها طائعا من غير شرط كان له مناكرتها عند مالك.
|